ج ١١، ص : ٧١٩
فهل كان هذا الطلاق عن رغبة من رسول اللّه، وعن إرادة له في الزواج من زوج مولاه زيد، بعد أن رآها في حال من أحوالها، فوقعت من نفسه، كما يتخرص بذلك المتخرصون، من أهل الضلال والنفاق، ومن أهل العداوة والكيد للإسلام ورسول الإسلام ؟ وكما تمضى هذه الفرية، فتقول إن زيدا حين شعر بما لزينب في نفس رسول اللّه، اصطنع هذه المخاصمة بينه وبين زوجه، كى يطلقها، إرضاء للنبىّ، ومسارعة إلى إيثاره بأحبّ شىء في يده!! ومن عجب أن ينخدع كثير من المفسّرين لهذه الفرية المسمومة، ويجدون لها مساغا بهذا الظاهر الذي يلوح منها، والذي يمثّل وجها من وجوه الحبّ والإيثار لرسول اللّه في نفوس المسلمين، وتخلّيهم له عن أحب ما يحبون ويؤثرون.. فنراهم يتأولون على هذا قوله تعالى :«وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ.. اللَّهَ.. وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ.. وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ » ويذهبون فى تأويلهم إلى أن النبىّ ـ صلوات اللّه وسلامه ورحمته وبركاته عليه ـ إذ يقول لزيد :« أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ » إنما يقولها ونفسه متطلعة إلى زينب، مترقبة لطلاقها.. ثم يتأوّلون قوله تعالى :« وَاتَّقِ اللَّهَ » أنه خطابّ للنبىّ، يحمل إليه عتابا من ربه، ودعوة إلى تقواه، لأنه ـ ومعاذ اللّه ـ أخفى ما بقلبه من حبّ لزينب، وقال لمولاه زيد :« أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ » ! ولهذا جاء العتاب بعد العتاب، بل اللوم بعد اللوم في قوله تعالى :« وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ » ! ونسأل أولئك الذين يستقيم لهم هذا الفهم من الآية الكريمة : على أية صورة يتصورون رسول اللّه، وأمينه على رسالة السماء ؟ أيجوز على رسول من رسل اللّه الدّهان والمخادعة ؟ إن ذلك مما يسقط مروءة أي إنسان في الناس، فكيف


الصفحة التالية
Icon