ج ١١، ص : ٧٨٢
هو تهديد لهؤلاء المشركين، الذين كانوا يسخرون من رسول اللّه.
ويكذبون بآيات اللّه، ولا يرجون لقاء اللّه.. فهؤلاء وقد توعدهم اللّه بالعذاب الأليم فى الآخرة، إن كانوا قد شكوا فى هذا الوعيد، أو استبعدوا يومه، فلينظروا فيما حولهم، وفيما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض.. من يمسك السماء أن تسقط عليهم ؟ ومن يحفظ الأرض أن نخسف بهم ؟ أليس هو اللّه سبحانه وتعالى ؟ ذلك ما لا سبيل إلى إنكاره.. وإذا كان ذلك كذلك وقد عصوا اللّه، وحادوا رسوله ـ أفلا يمكن أن يعاجلهم اللّه بالعقاب فى الدنيا ؟
أهناك من يعصمهم من بأس اللّه إذا جاءهم ؟ أهناك من يردّ مشيئة اللّه لو شاء سبحانه أن يخسف بهم الأرض، أو يسقط عليهم حجارة من السماء ؟
وفى قوله تعالى « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ » إشارة إلى أن هذا الذي تحدث به الآية عن قدرة اللّه وعن بأسه الذي لا يرد، لا يلتفت إليه ولا ينتفع به إلا من كان ذا عقل متفتح، وبصيرة نافذة، وقلب سليم، إذا رأى الحق عرفه، وإذا عرفه آمن به، وعمل على هداه، فإن كان كافرا آمن باللّه، وإن كان عاصيا تاب إلى اللّه ورجع إليه من قريب، أما من أنام عقله، وأغلق قلبه، فإنه يظل مجمدا على حال واحدة، لا يتحول عنها، ولا يرجع عن الطريق الذي ركبه، وإن كان فيه مهلكه.
الآيات :(١٠ ـ ١٤) [سورة سبإ (٣٤) : الآيات ١٠ إلى ١٤]
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (١٢) يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (١٣) فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (١٤)


الصفحة التالية
Icon