ج ١١، ص : ٨٥١
والجعل : إضافة على أصل الخلق، وهو العمل الوظيفى للمخلوق، حسب طبيعته.. كما يقول سبحانه :« جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً » (٥ : يونس)..
وقد شرحنا هذا المعنى فى مواضع أخرى..
فالحمد للّه، من ذاته، ومن المخلوقات لذات الخالق، حمدا على الخلق والإيجاد، وعلى ما أمد به ما خلق، من أسباب البقاء، وعلى أن جعل الملائكة رسلا إلى الناس، تحمل إليهم رسالات السماء، بالهدى والنور، وتستغفر للمؤمنين باللّه، وتصلى على رسول اللّه، صلوات اللّه وسلامه عليه..
ـ وقوله تعالى :« مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ » صفة للأجنحة، وتدل هذه الصيغ على كثره المعدود، وأن الملائكة ذوو أجنحة، وأنهم فى ذلك ثلاثة أصناف، صنف له جناحان، وصنف له ثلاثة أجنحة، وثالث له أربعة أجنحة.. وهذه الأجنحة من نور، تتشكل من هذه الأنوار اللطيفة كما تتشكل صور الأشياء من عالم المادة..
وقوله تعالى « يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ » هو ردّ على من يتصور أن ذوات الأجنحة لا تكون إلا بجناحين، وأن الثلاثة لا يقوم بها نظام الطائر، كما أن الأربعة هى بمنزلة الجناحين.. وهذا فى تقدير الخلق، ولكن الخلاق العظيم المبدع، يخلق ما يشاء، ويزيد فى الخلق ما يشاء.. « إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » فإذا جعل لطائر، ثلاثة أجنحة، أو أربعة، أو ما شاء اللّه من أجنحة، كان ذلك بتقدير، وعلم، وحكمة.. « الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » (٧ : السجدة) قوله تعالى :« ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » أي إن القدرة كلّها بيد اللّه وحده، لا يملك أحد شيئا بقدر به على أن