ج ١١، ص : ٨٧٦
هذه بديهة تنطق بها الحقيقة المنتزعة من المقدمة السابقة، التي عرضت فيها هذه الأمور الأربعة..
وفى إسناد الإسماع إلى اللّه تعالى، إشارة إلى أن هذا الأمر كلّه بيد اللّه، وكل شىء معلق بمشيئته :« مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » (٣٩ : الأنعام) :
وقوله تعالى :« وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ » تيئيس للمشركين الذين استولى عليهم الشرك، أن يكونوا فى السامعين، وإراحة للرسول من بذل الجهد فى سبيل إسماعهم.. إنهم أموات.. وليس من عمل الرسول أن يسمع الأموات.. « إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ».
(٨٠ : النمل) « إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ ».
. فهذا هو عمل الرسول.. إنه نذير، ينذر هؤلاء الضالّين، ويخوفهم عذاب اللّه، وليس من شأنه أن يفتح آذانهم التي أصمها اللّه عن أن تسمع كلماته.. وقد اقتصر هنا على جانب من رسالة الرسول، وهو الإنذار، لأن الخطاب فى مواجهة المشركين، الذين لن يؤمنوا أبدا، والذين ليس لهم إلا ما تحمل إليهم النذر من عذاب، وبلاء..
الآيات :(٢٤ ـ ٢٨) [سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٢٤ إلى ٢٨]
إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٢٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨)