ج ١١، ص : ٨٨٨
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ».
. فهذا السبق الذي كان لهم، هو بتوفيق اللّه، وبفضله عليهم، وإلى هذا يشير اللّه سبحانه بقوله :« ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ».
. ويجوز أن تكون الإشارة هنا إلى الميراث، أو الاصطفاء فى قوله تعالى :« ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ».
فهذا وذاك فضل كبير من اللّه رب العالمين.
ونخلص من هذا إلى تقرير حقيقتين نراهما على ضوء هذه الآية الكريمة :
الحقيقة الأولى، هى أن المسلمين، الذين أورثهم اللّه القرآن الكريم، هم جميعا ـ المستقيم منهم والمعوج، والمطيع والعاصي ـ هم الفريق المصطفى المتخير من اللّه من بين عباد اللّه.. فالمسلمون فريق.. والناس جميعا فريق..
الحقيقة الثانية، وهى أن أهل هذه الملة جميعا ناجون، وأن أهل المعصية منهم إذا حبسوا على النار قليلا أو كثيرا، فإنهم من أهل الجنة. وهذا ما بشير إليه الحديث الشريف :« من قال لا إله إلا اللّه مؤمنا بها قلبه دخل الجنة » وفى الحديث أيضا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :« سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له » وينبنى على هاتين الحقيقتين أمور :
أولها : أن على المسلم أن ينظر إلى نفسه، فى هذا المقام الكريم الذي وضعه اللّه سبحانه وتعالى فيه، وجعله من أهل اصطفائه، وهذا يقتضيه أن يحرص الحرص كله على أن يحتفظ بمكانه هذا، وأن يطلب منزلة أعلى، فى منازل الإيمان التي لا حدود لها، وألا يسفّ ويتدلّى، فتزلّ قدمه بعد ثبوتها..
وثانيها : أن المسلمين إنما أورثهم اللّه القرآن الكريم، بعد أن تخيرهم له من بين الناس.. فهم أهله، وأولى الناس به.. ولن يكونوا أهله وأولياءه إلا إذا


الصفحة التالية
Icon