ج ١١، ص : ٨٩٠
الكبير الذي يتلقاه المؤمنون من ربهم، هو « جنات عدن » أي جنات خلود، لا يخرجون منها أبدا..
وقوله تعالى :« يَدْخُلُونَها » خبر لجنات أي جنات عدن يدخلها المؤمنون.
وقوله تعالى :« يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ ».
هو حال من الفاعل فى قوله تعالى :« يَدْخُلُونَها » وهذه الحلىّ التي يلبسها المؤمنون فى جنات عدن، هى من بعض ما كانوا يشتهون فى دنياهم، أو مما كانوا يتمتعون به، ويجدون المسرّة منه.. فيكون من تمام النعمة عليهم أن ينالوا كلّ شىء كان مشتهى لهم فى دنياهم، وقصرت عنه أيديهم، أو كان متعة من متعهم فى هذه الدنيا..
وليس هذا كل نعيم أهل الجنة، بل هو شىء لا يكاد يذكر إلى ما هناك من نعيم لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر على قلب بشر.. ولكنه من شهوات النفس فى دنياها، فلا نحرم منه إذا هى نزلت منزل الإحسان المطلق، والنعيم الشامل.. تماما كما يجىء إنسان من أقاصى الريف إلى مدينة كالقاهرة..
إن كل ما فى نفسه أن ينال شيئا مما كان يراود خياله، ويطرق أمله، كأن يدخل « السينما » أو يجلس فى مطعم فيأكل حتى يشبع، أو يلبس بدلة!! أو نحو هذا..
إن آماله وهو فى عيشه الضيق الضنك، لا تتسع لأكثر من هذا..
ولك فى هذا مثل تجده فى طوارق الأحلام.. إن كل إنسان يقع له فى أحلامه، ما يشتهيه فى يقظته، وتقصر عنه يده..
وفى عالم الأحلام متسع لكل شىء.. ومع هذا فإن المحروم من الشيء لا يكاد يحلم إلّا به، وإن كان عند غيره تافها لا يلتفت إليه فى يقظة أو منام.. وفى المثل :
« الجوعان يحلم بالرغيف! » فمخطىء أولئك الذين يتهمون الإسلام من هذا الجانب، ويحقرون