ج ١١، ص : ٩١٦
« وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ؟ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ ؟ إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ».
أسئلة إنكارية، ينكر بها الرجل على نفسه ألا يكون فى العابدين للّه، الذي فطره، والذي إليه موعده ولقاؤه مع الناس، يوم الحشر، إنه لا بد أن يكون له إله يعبده.. أفيترك عبادة من خلقه ورزقه، والذي يميته ثم يحييه..
ويعبد آلهة من دون اللّه، إن يرده اللّه بضر لا تغنى عنه هذه الآلهة شيئا، ولا تمد يدها لإنقاذه مما يريده اللّه به من ضر ؟ « إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ » !! وأي ضلال بعد هذا الضلال، الذي يدع فيه الإنسان حبل النجاة الممدود إليه، ثم يتعلق بأمواج البحر الصاخبة، وتيارانه المتدافعة ؟.
« إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ».
وهكذا يقولها صريحة مدويّة فى وجه القوم.. إنها هى كلمة النجاة، وحسبه أن يمسك بها، وليكن ما يكون..!
وألا فليسمعوها عالية مدوية متحدية.. إنها كلمة الحق التي يجب أن ترتفع فوق كل كلمة، وتعلو على كل نداء.
« قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ » ـ هذا هو الجواب الذي تلقاه الرجل المؤمن، ردّا على إقراره بالإيمان بربه.. وهو الجزاء الذي يلقاه كل مؤمن صادق الإيمان..
والقول الذي قيل لهذا المؤمن، إما أن يكون فى الحياة الدنيا، بوحي من اللّه سبحانه وتعالى، وإما أن يكون ذلك بعد الموت، حيث يعلم المرء مكانه من الجنة أو النار فيقال له يومئذ :« ادخل الجنة » فهى الدار التي أعدّها اللّه لك.
«قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ » !