ج ١٢، ص : ١٠٢٤
والذي لا شك فيه هو أن « إلياس » عليه السلام كان معروفا عند العرب، فيما يحدثهم به اليهود عن أنبيائهم..
وإلياس، هو المذكور فى التوراة باسم إيليا بن متى.. وهو من أنبياء بنى إسرائيل، الذين سبقوا زكريا ويحيى عليهما السلام..
وقد كان اليهود، لجفاء طبعهم، وبلادة حسهم، وكلب أنانيتهم ـ ينظرون إلى اللّه نظرا قاصرا محدودا، فيرونه إله إسرائيل، لا إله العالمين، ومن ثمّ جعلوه قائد جيوشهم، وسموه « رب الجنود » ثم تمادوا فى هذا التصور الخاطئ لجلال اللّه وعظمته، فتصوروه رجلا شديد البأس، مثل فرعون الذي كانوا يرون فيه أقصى ما يمكن أن يتصوروا من قوة، حتى لقد امتلأت التوراة بالحديث عن اللّه، بأنه « رجل حرب ».
وحتى إنهم ليتحدثون إليه على لسان أنبيائهم كحديثهم مع واحد منهم..
فكانت دعوة إلياس ـ عليه السلام ـ إلى اليهود، هى أن يصححوا هذا الفهم القاصر الجهول، للّه، وأن يقيموا وجوههم إليه على أنه ربّ العالمين! فقوله :« أَتَدْعُونَ بَعْلًا ؟ » إنكار عليهم أن يدعوا اللّه بعلا.. والبعل هو الرجل، كما فى قوله تعالى :« أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً ؟ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ » (٧٢ : هود).
وقوله :« وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ » ؟
أي أتدعون اللّه رجلا، وتلبسونه صفات الرجال، وتتركون دعوته بالصفات اللائقة به، وهو أحسن الخالقين، ورب العالمين ؟.
قوله تعالى :« فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ».