ج ١٢، ص : ١٠٣٥
إنها أشبه بذلك اللقاء الجديد الذي كان بين يونس وقومه.. وقد آمن قوم يونس.. فهل يؤمن هؤلاء المشركون، بعد هذا اللقاء الجديد بينهم وبين رسول اللّه ؟
وفى هذا اللقاء بين رسول اللّه وبين المشركين، يدعوهم الرسول إلى أن يستحضروا عقولهم، وإلى أن يفتوه فيما يستفتيهم فيه.. إنهم هنا فى مقام الفتيا، ذلك المقام الذي لا يقوم فيه إلا أصحاب العلم والعقل، وإلا أهل الرأى والفهم.
فهل هم أهل لهذا ؟ وهل هم مستعدّون لأن يفتوا فيما يستفتون فيه ؟ وإن الذي يستفتون فيه ليس إلّا بديهة من بدهيّات العقل عند العقلاء.. فهل يخطئون وجه الصواب فى هذه البديهيّات ؟
ـ « أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ؟ ».
هذه هى القضية التي يطلب إليهم الرأى فيها : ـ إذا كان هناك فى المخلوقات بنات وبنون.. ثم كانت هناك قسمة بينهم وبين اللّه.. فأىّ تكون له البنات، وأىّ يكون له البنون ؟
لا شكّ أن البنات عندهم أنزل درجة من البنين.. فهل يقضى العقل ـ عندهم ـ أن يكون للّه البنات، ويكون لهم البنون ؟ أهذه قسمة عادلة ؟
أيكون للإله الخالق دون ما لهم ؟ إن ذلك جور فى الحكومة، وخرق فى الرأى، وضلال فى الفتيا.. ولهذا نقض اللّه عليهم رأيهم هذا، وردّ قسمتهم تلك الجائرة.. فقال تعالى :« أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى » (٢١، ٢٢ : النجم).
قوله تعالى :« أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ » ؟.


الصفحة التالية
Icon