ج ١٢، ص : ١٠٥٣
أي وإلى أن يقع العذاب المرسل إلى هؤلاء المشركين، فلينظروا فى هذه القضية، وليجيبوا منها على هذا السؤال : أعندهم خزائن رحمة اللّه، حتى يتصرفوا فى هذه الرحمة كما يشاءون، فيسوقوها إلى من شاءوا، ويصرفوها عمّن شاءوا ؟ وإذا كانت رحمتنا قد شاءت لها إرادتنا أن تجىء إلى « محمد » وأن تجعله الرسول المصطفى لرسالة السماء من بينهم، فهل فى مقدورهم أن يتحكموا فى إرادتنا، وأن يصرفوا هذه الرحمة عنه، وأن يسوقوها إلى الرجل الذي يتخيرونه منهم ؟ أليس ذلك مصادمة منهم لمشيئة اللّه، وتحديا لإرادته ؟ « أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ؟ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ » (٣٢ : الزخرف).. فهل هم يقسمون فيما بينهم رحمة اللّه فيما أفاء عليهم من نعم، فأغنى وأقنى، ومنح ومنع ؟
وفى وصف اللّه سبحانه وتعالى « بالعزّة ».
. إشارة إلى أن مشيئته لا تغلب، وأن إرادته لا تنازع « أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ » (٥٤ : الأعراف)..
وفى وصفه سبحانه « بالوهاب ».
. إشارة أخرى إلى أن هباته وعطاياه سبحانه ـ كثيرة لا تنفد، وأنه ليس لهم ـ وتلك هى هبات اللّه الشاملة، وعطاياه الغامرة ـ أن يحسدوا « محمدا » على ما أعطاه اللّه، فإن لهم من هذا العطاء شيئا كثيرا لو أرادوا أن ينالوا منه.. فهذا الخير الذي بين يديه، هو خير مسوق إليهم، وهذه الرحمة التي وضعها اللّه بين يديه، هى لهم، فليردوا مواردها، وليستقوا من ينابيعها، فإنها رحمة السماء إلى الناس جميعا..
قوله تعالى :« أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما ؟ فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ ».
أي ألهؤلاء المشركين ملك ما فى السموات والأرض، ليشاركوا اللّه فى


الصفحة التالية
Icon