ج ١٢، ص : ١٠٦٤
الجو، تحشر إليه ـ بقدرة اللّه ـ من كل صوب، . وكأنها بعض جنوده من البشر تسبّح اللّه معه، وتردد ما يسبح به..
ثم يقول سبحانه :« وَشَدَدْنا مُلْكَهُ » أي أعطيناه ملكا، وثبتنا له قواعده، « وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ » أي إلى جانب هذا الملك المتمكن، آتيناه نبوة، وعلما، تتكشف له بهما موارد الأمور ومصادرها، فيقيمها على ميزان العدل والإحسان.. ثم يقع لداود النبي ـ وهو قائم على سياسة هذا الملك الذي بين يديه ـ يقع له ابتلاء، فيهتز ميزان العدل فى يده، ويجد لهذا نحسة فى ضميره، فيرجع إلى اللّه تائبا مستغفرا، فيلقى من ربه قبولا ومغفرة، ويكسى حلل الرضا والإحسان، فيقول سبحانه :« فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ » وهكذا يفعل اللّه لعباده المؤمنين.. يبتليهم، ثم يعافيهم، ليريهم مواقع رحمته بهم، وإحسانه إليهم، فيزدادون حمدا له، وقربا منه..
الآيات :(٢١ ـ ٢٦) [سورة ص (٣٨) : الآيات ٢١ إلى ٢٦]
وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥)
يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (٢٦)