ج ١٢، ص : ١٠٧١
وهذه قضية قد عرضنا لها فى أكثر من موضع، وربما عرضنا لها فى دراسة خاصة ـ إذا شاء اللّه ـ بعد أن يعيننا اللّه سبحانه، على أداء هذه المهمة التي نقوم بها فى خدمة كتابه الكريم، . فإن مثل هذه الأحاديث التي تنسب إلى الرسول الكريم، وإن لم تكن ذات أثر فى العقيدة أو الشريعة، فإنها تسبب إزعاجا، وخلخلة فى نفس المسلم إزاء الأحاديث النبوية الشريفة، وتقيمه منها على مقام بين الشك واليقين، فى كل ما يعرض له من أحاديث تنسب إلى الرسول.. وتلك هى جناية الأحاديث المكذوبة والملفقة على السنّة، التي هى المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم.
ونعود فنقول :
إن الذي يدعونا إذن إلى الوقوف عند هذه القصة ـ قصة داود عليه السلام ـ هو تلك المقولات الكثيرة المتناقضة المتضاربة، التي قيلت عن الهفوة التي كانت من هذا النبي الكريم.. ولا نريد أن نعرض هذه المقولات، ونناقشها، ونعدّل أو نجرّح فيها، فهذا يحتاج إلى بحث طويل، يستنفد منا جهدا نحن حريصون على ألا يكون لغير كتاب اللّه..
وإذن فلن نقول هنا فى هذه الهفوة، وفى الكشف عن وجهها إلا قولا واحدا، نختاره من بين هذه المقولات، لأنه أقرب شىء إلى مفهوم تلك الإشارة الخصية التي يراها الناظر بقلبه وبعقله فى الآيات الكريمة التي نحدثت عن تلك القصة.
فالآيات القرآنية، تحدث عن أن داود عليه السلام، قد آتاه اللّه سبحانه ملكا، وقد مكّن له فى هذا الملك ـ إلى جانب النبوة التي اختصه اللّه سبحانه بها، فجمع للّه سبحانه بهذا بين يديه السلطة الدينية والدنيوية معا..