ج ١٢، ص : ١٠٨٨
وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ »
ـ ولهذا لم يفصل بين الفعلين « أناب » « وقال » بفاصل ما، من حرف عطف، أو نحوه..
وقد قرن سليمان فى إنابته إلى اللّه سبحانه ـ قرن طلب المغفرة بهبة هذا الملك الذي لا يكون لأحد من بعده! وفى هذا ما يشير فى وضوح إلى أن ما طلبه من أن يهب اللّه له هذا الملك الذي لا ينبغى لأحد من بعده ـ فيه إشارة واضحة إلى أن هذا هو ما يصحح إنابته إلى ربه، ويجعلها إنابة سليمة، خالية من كل معوق يعوقها عن اللّه! فكيف هذا ؟ وهل بهذا الملك العجيب الذي لا يملكه أحد من بعده يكون أقرب إلى اللّه منه وهو على كرسى ملكه الذي هبت عليه منه ريح الفتنة ؟
وهل كان ما كان منه من اشتغال ـ أكثر مما ينبغى ـ عن ذكر ربّه، إلا من الملك، وسلطان الملك وما يحف به من شهوات ؟
فكيف يكون طلب هذا الملك الذي لم يكن لأحد غيره ـ إنابة ورجوعا إلى اللّه، وتخففا من الاشتغال بالملك ؟
ندع هذا الآن.. وننظر فيما أجاب به اللّه سبحانه وتعالى هذا الطلب..
يقول اللّه تعالى :«فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ » هذا هو ما أجاب به اللّه سبحانه، سليمان فيما سأل.. وقد جاءت الإجابة