ج ١٢، ص : ١١١١
الضلال.. وأنه إذا كان الكفر باللّه، والخروج عن طاعته، لا يعصم أهل الملأ الأعلى من أن يردّوا إلى عالم الظلام، وأن يكونوا فى الدّرك الأسفل من مخلوقات اللّه، فإن الكفر باللّه والخروج عن طاعته، لا يعصم من كان فى العالم الأرضى، أن يردّ إلى ما دون هذا العالم، وأن يلقى به فى عذاب السعير..
ثم إنه ـ من جهة أخرى ـ إذا كان فى الملأ الأعلى ملائكة مقرّبون، لا يعصون اللّه ما أمرهم، فيزدادون بذلك قربا من اللّه ـ فإن فى العالم الأرضى من يرتفع عن هذا العالم، بإيمانه باللّه، وولائه له، وينزل منازل الرحمة والرضوان، فى جنات النعيم..
وهكذا.. رجيم من العالم العلوي يهوى إلى الأرض، وشهب من الأرض، تصعد إلى السماء، وتتألق بين كواكبها ونجومها..!
فأىّ من هذين الفريقين من أهل الأرض يكون هؤلاء المشركون ؟
أيظلون على كفرهم باللّه، فيهوى بهم كفرهم إلى قرار الجحيم، أم يؤمنون باللّه، ويسعون إلى مرضاته، فيرتفعون عن هذا التراب، ويصعدون إلى الملأ الأعلى، ويصبحون من أهله ؟.
وقوله تعالى :« قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ » ـ هو قسم من اللّه سبحانه وتعالى بأن تمتلىء جهنم من إبليس، وممن شايعه واتبع سبيله من الناس.. وفى هذا وعيد شديد من اللّه، بأن لجهنم أهلها من بنى آدم، وهم كثير تمتلىء بهم على سعتها.. فليطلب كل إنسان السلامة لنفسه منها، والنجاة من أن يكون من أهلها، فإن لها أهلا ـ نعوذ باللّه أن نكون منهم ـ وإنه لا نجاة إلا بالإيمان باللّه،


الصفحة التالية
Icon