ج ١٢، ص : ١١١٨
ذلك هو بعض سلطان اللّه، وتلك هى بعض قدرته.. فالسموات والأرض صنعة يده.. وبعض خلقه.. وقد خلقهما سبحانه بالحق، الذي هو صفته.
وقوله تعالى « يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ ».
. يشير إلى أمور :
أولها : أن النهار والليل يكوّر كل منهما على الآخر، فى حركة دائبة..
حيث لا يكون نهار إلا كور عليه الليل، ولا يكون ليل إلا كور عليه النهار..
وثانيهما : أن التكوير يعنى الحجب والتغطية من الأعلى للأسفل، إذ أن أصله من تكوير العمامة على الرأس.. يقال كر العمامة، وكورها، أي لفها على رأسه، حتى صارت مثل الكرة.
وثالثها : أن هذه الصورة من التكوير، تشير إلى كروية الأرض، وإلى أن الليل والنهار يتحركان فوق كرة، أشبه بالعمامة التي تعلو الرأس.
ورابعها : أن لفظ « يكور » يشير إلى أن الأرض متحركة، وأن هذا التكوير الذي يجرى على الكرة، إنما يقع حالا بعد حال، ووقتا بعد وقت..
وخامسها : تقديم تكوير الليل على النهار، إشارة إلى اتجاه حركة الأرض، بعد لإشارة إلى شكلها الكروي وإلى حركتها ـ فإن هذه الحركة من الغرب إلى الشرق، حيث يكون النهار أولا، ثم يتلوه الليل فيتكور عليه، ثم يعقبه النهار، فيعلوه متكورا عليه كذلك.. وهكذا..
قوله تعالى :« وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ».
أي وأجرى الشمس والقمر، وسخرهما بقدرته، وأقامهما على نظام محكم