ج ١٢، ص : ١١٢٦
وقوله تعالى :« قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا.. إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ » ـ تهديد ووعيد بالعذاب الأليم فى الآخرة، لهذا الذي يعرف اللّه فى الشدة، وينكره فى الرخاء.. فهو فى الشدة يعرف ربّا يطرق بابه، وهو فى الرخاء لا يعرف وجه ربه.. وفى الأثر :« من عرف اللّه فى الرخاء عرفه اللّه فى الشدة »..
وحسن أن يعرف الإنسان ربه فى الشدة، ويفزع إليه، ويطرق باب فضله وإحسانه، ويدعوه لكشف الضر عنه.. فذلك من إيمان المؤمن بربه وثقته فيه، وطمعه فى رحمته..
وأحسن الحسن أن يعرف الإنسان ربه فى الرخاء، ويسبح بحمده، ويشكر له، ويذكر نعمه وإحسانه إليه.. فذلك إقرار من المؤمن بسلطان ربه، وبقيومته على هذا الملك، وعلى كل ما يجرى فيه..
وذلك هو الإيمان، وتلك هى حال المؤمن حقا، إن أصابه خير حمد وشكر، وإن أصابه ضرّ رضى وصبر، وفى الأنبياء والمصطفين من عباد اللّه الأسوة والقدوة..
والتمتع بالكفر، هو الحياة معه على ذلك الوجه الذي يزين فيه الكفر لأهله، كل منكر، فلا يتقيد صاحبه بأى قيد، ولا يرتبط بأى التزام أدبى، أو خلقى، أو إنسانى، قبل اللّه أو قبل الناس..
فليتمتع الكافر بهذه الحياة البهيمية التي يدعوه إليها كفره.. إنه من أصحاب النار.. وإنه لا بأس أن ينال من يقدّم للقتل ما تشتهى نفسه ؟ ؟
قوله تعالى :« أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا