ج ١٢، ص : ١١٣٦
والفاء فى قوله تعالى :« فَاتَّقُونِ » هى فاء الفصيح، والتفريع، وهى تفصح عن كلام محذوف.. أي قد بينت لكم ما ينتظر الذين لا يؤمنون بي، ولا يتقون محارمى، من بلاء شديد وعذاب أليم، فاتقون، أنتم حتى لا تقعوا تحت طائلة نقمتى وعذابى..
قوله تعالى « وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ.. لَهُمُ الْبُشْرى.. فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ » هو تعقيب أيضا على هذا العرض الذي عرضت فيه جهنم وأهلها، وما يلقون فيها..
وفى هذا التعقيب بيان شارح للطريق الذي يعدل بالناس عن الطريق الجهنمى، إلى طريق النجاة والفوز بجنات النعيم..
فمن اجتنب الشرك باللّه، وأخلى يديه، وقلبه، من هذه المعبودات المخلوقة للّه، أو المصنوعة بأيدى الناس ـ من اجتنب هذه المعبودات ابتداء، أو تاب إلى اللّه من بعد شركه، وأخلص للّه عبادته، فله البشرى بالنجاة والفوز برضوان اللّه..
وقوله تعالى :« فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ » أي أن هذه البشرى بالنجاة والفلاح إنما ينالها عباد اللّه الذين يستضيئون بنور اللّه ويتدبرون ما يقع لأسماعهم من كلمات، فيميزون الخبيث من الطيب، والضلال من الهدى، ثم يؤدّيهم هذا إلى أن يستجيبوا لكل ما هو طيب، وأن يتبعوا كل ما هو هدى ورشاد.. فإنهم إن فعلوا ذلك كانوا من عباد اللّه المهتدين، الذين إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وأخذوا طريقهم المستقيم، السالك بهم إلى جنات


الصفحة التالية
Icon