ج ١٢، ص : ١١٥٤
يضاعف فيه الإحسان إلى المحسن، حتى ليسأل السائلون : ما بال هؤلاء المحسنين يجزون الحسنة أضعافا مضاعفة، على حين يجزى المسيئون السيئة بمثلها ؟ أليس العدل يقضى بالتسوية فى الجزاء، فيجزى المحسنون الحسنة بالحسنة، كما يجزى المسيئون السيئة بالسيئة ؟ فيجاب على هذا التساؤل : إن جزاء السيئة بالسيئة، عدل، وإن جزاء الحسنة بأضعافها، إحسان.. فالمسيئون مأخوذون بعدل اللّه، والمحسنون مجزيّون بإحسانه، وذلك « لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا » أي بهذا الإحسان المضاعف يمحو اللّه عنهم أسوأ ما فى صحفهم من أعمال، وهى السيئات التي تقع منهم وهم على طريق الإحسان، حتى تصبح صحفهم كلها إحسان، فيكون جزؤهم الإحسان بهذا الإحسان..
وهذا مثل قوله تعالى :« أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ » (١٦ : الأحقاف)..
قوله تعالى :« أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ».
الكافي : الكافل : والحافظ..
وعبده : هو رسول اللّه، صلوات اللّه وسلامه عليه.. وفى الإشارة إلى رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه، بضمير الغيبة دون ذكره.. تنويه بشأنه وإعلاء لذكره، وأنه ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ هو وحده المعنىّ بهذا الحديث، وأنّه وحده الجدير بهذه الإضافة بالعبودية الخالصة إلى ربّه..
والاستفهام هنا، للوجوب.. أي أن اللّه سبحانه وتعالى، هو الذي يكفى