ج ١٢، ص : ١١٦٠
الطريق لهؤلاء المعاندين المستكبرين، إلى كتاب اللّه.. فكثير من هؤلاء المشركين كانوا يأنفون أن يتفضّل عليهم النبىّ ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ بهذا القرآن الذي بين يديه.. وفى حسابهم أنه قرآنه، يعطى منه من يشاء، ويمنع من يشاء.. وفى قوله تعالى :« للناس » ما يعزل عن القرآن هذه المشاعر التي تحول بين المشركين وبين الاتصال به.. إنه ليس قرآن « محمد » وليس ملك « محمد » وإنما هو كلام اللّه إلى عباد اللّه، ورحمة اللّه لخلق اللّه.. وما محمد ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ إلا حامل هذه الرحمة، وداع إليها، وآخذ بنصيبه الذي قدّره اللّه له منها.. وإنها لرحمة واسعة لا حدود لها، ولكل إنسان حظه الذي يستطيع أن تطوله يده منها..
قوله تعالى :« اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ».
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآية السابقة، قد جاء فيها ذكر القرآن الكريم، الذي أنزله اللّه تعالى على نبيه ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ هدى ورحمة للناس، وروحا وحياة للنفوس..
وفى هذه الآية بيان لمصير النفس الإنسانية، وأنها صائرة إلى اللّه، بما تحمل من هدى أو ضلال، وبما معها من نور القرآن، أو ظلام الشرك..
فقوله تعالى :« اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها » أي يردها إليه، ويوفّيها حسابها، حين يجىء أجلها، وتستوفى حياتها المقدورة لها فى الدنيا..


الصفحة التالية
Icon