ج ١٢، ص : ١٢٠٩
وليكونوا رفقاء لهم فى الملأ الأعلى، يأنسون بهم، ويسعدون بصحبتهم..
وفى قوله تعالى :« الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ » ـ إشارة إلى أن الملائكة وهم أقرب المقربين إلى اللّه من خلقه، لا يقطعهم ذلك عن التسبيح بحمده، وهم فى أمن وعافية وسلام.. بل إنهم لأكثر خلق اللّه تسبيحا للّه، وحمدا له، لأنه أعرف بجلاله وعظمته.
وفى قوله تعالى :« وَيُؤْمِنُونَ بِهِ » ـ إشارة إلى تلك الصلة الجامعة التي تصلهم بالمؤمنين، وهى الإيمان باللّه.. ومن هنا كان دعاؤهم للمؤمنين، واستغفارهم له.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » (١٠ : الحجرات).. ويقول سبحانه :« وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » (٧١ : التوبة)..
وقد علّم اللّه المؤمنين أن يدعو بعضهم لبعض ويستغفر بعضهم لبعض، إذ يقول سبحانه على لسانهم كما علمهم :« رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ » (١٠ : الحشر).
وفى قوله تعالى :« رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً » هو من تسبيح الملائكة للّه، ومن استمطارهم من واسع رحمته للمؤمنين.. فمن رحمة اللّه التي وسعت كل شىء، يطلب الملائكة الرحمة للمؤمنين، الذين تابوا واتبعوا سبيل اللّه بالإيمان به..
وفى قرن الرحمة بالعلم، إشارة إلى أن رحمة اللّه إنما تقع حيث علم اللّه موقعها من عباده..