ج ١٢، ص : ١٢١٢
وهى أربعة أدوار.. فقد كان ميّتا، قبل أن يخلق، ثم كان حيّا بعد أن خلق، ثم كان الموت، وكان البعث.. فهما موتان، وحياتان.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ، وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ.. ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ.. ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ».
. (٢٨ : البقرة) قوله تعالى :« ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا.. فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ».
الإشارة إلى هذا العذاب الذي يلقاه أهل الكفر والضلال فى جهنم، وأنه إنما كان بسبب كفرهم وعنادهم، وأنهم كانوا ـ فى دنياهم ـ « إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ » أي إذا عرض عليهم الإيمان بإله واحد لا شريك له، كفروا، ولم يقبلوا هذا الإيمان.. « وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ » أي إن جعل مع اللّه شركاء، قبلوا الإيمان على الصورة التي تجعل مع اللّه إلها مع هذه الآلهة التي يعبدونها.. وهذا مثل قوله تعالى :« وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ » (٤٥ : الزمر).
وقوله تعالى :« فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ » إشارة إلى أن الحكم المسلّط عليهم الآن، هو حكم اللّه، العلى الكبير، الذي لا يشاركه أحد فى علوّه، ومقامه، وسلطانه.. فإذا كان لآلهتهم التي أضافوها إلى اللّه، وأشركوها معه ـ إذا كان لهذه الآلهة شىء مع اللّه، فليطلبوا إليها هذا الذي يطلبون اليوم من اللّه.. وإنه لضلال فى منطقهم أن يشركوا آلهتهم مع اللّه فى الدنيا، ثم لا يشركوهم معه فى الآخرة، لينفذوهم من النار التي يساقون إليها..


الصفحة التالية
Icon