ج ١٢، ص : ١٢٥٩ لا تقدرونه حقّ قدره، هو :« الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً ».
. إنه سبحانه جعل لكم ذلك من غير طلب أو دعاء، فاللّه سبحانه يعطى من غير طلب، ويجود من غير سؤال.. وما الدعاء الذي تدعونه به، إلا عبادة وولاء للّه رب العالمين..
وفى قوله تعالى :« وَالنَّهارَ مُبْصِراً » إشارة إلى أن النهار وضوءه هو الذي يعطى العيون وظيفة الإبصار، وأنه لو لا هذا الضوء لما كان للعين أن ترى شيئا، فالتقاء الضوء بالعين هو الذي يعطيها القدرة على الإبصار، وأنه لو لا هذا الضوء لكان البصير والأعمى على سواء.. وإلى هذا يشير المعرى بقوله :
وبصير الأقوام فى مثل أعمى فهلمّوا فى حندس نتصادم
والحندس : الظلام الشديد..
وقوله تعالى :« إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ » إشارة إلى موقف كثير من الناس من فضل اللّه ونعمه عليهم، حيث يلقونها بالجحود والكفران، فلا يشكرون للّه، بل ولا يؤمنون به..
قوله تعالى :« ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ».
فى الإشارة إلى اللّه سبحانه وتعالى، إلفات لهؤلاء الغافلين عنه، المشركين به، العاكفين على عبادة ما يعبدون من أوثان وغير أوثان، مما صنعت أيديهم، أو تصورت أوهامهم.. فاللّه سبحانه هو خالق كل شىء، وما يعبده هؤلاء المشركون من معبودات، هى مخلوقات للّه، والمنطق


الصفحة التالية
Icon