ج ١٢، ص : ١٢٦٥
يعيش فى عالم، ثم ولد فكان فى عالم آخر، يختلف عن عالمه الذي كان فيه..
فكأن هذا الميلاد إخراج جديد له من وجود إلى وجود، ولهذا جاء التعبير القرآنى :« ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا » بالعطف بثم التي تفيد التراخي، ثم بفعل الإخراج الذي يدل على المغايرة، بين ما كان قبل هذا الإخراج، وبعده..
وقوله تعالى :« ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً » ـ ثم هنا زائدة، والغرض منها الدلالة على أن هنا زمنا ممتدا بين خروج الإنسان من بطن أمه طفلا، ثم بلوغه أشده..
فقوله تعالى :« ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ » هو تعليل لخروج الإنسان من بطن أمه إذ لو لا هذا الخروج، لما بلغ الإنسان هذه الغاية.. وكأنّ النظم هو :
ثم يخرجكم طفلا لتبلغوا أشدكم ولتكونوا شيوخا ».
. وبين بلوغ الإنسان أشده، وبين شيخوخته مسافة زمنية، يملأ فراغها حرف العطف « ثم »..
وقوله تعالى :« وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ » احتراس، يراد به تقييد هذا الإطلاق فى قوله تعالى :« ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً » أي ومنكم من يتوفى من قبل أن يبلغ أشده، أو من قبل أن يكون شيخا..
وقوله تعالى :« وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى » معطوف على قوله تعالى :« وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ » بتقدير محذوف يدل عليه ما قبله : أي ومنكم من يمدّ فى أجله، لتبلغوا الأجل المكتوب لكم..
قوله تعالى :« هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ.. فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » أي أن من قدرة اللّه سبحانه ومن تدبيره فى خلقه، أنه « يحيى » أي


الصفحة التالية
Icon