ج ١٢، ص : ١٢٧٦
قوله تعالى :« فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ » البأس : العذاب، والبلاء الواقع بالمكذبين.
أي وحين رأى هؤلاء المكذبون برسل اللّه نذر العذاب تطلع عليهم آمنوا باللّه، وقالوا : آمنا باللّه وحده، لا شريك، وكفرنا بتلك المعبودات التي كنا بسبب عبادتها مشركين باللّه.. فالباء فى « به » للسببية.
قوله تعالى :« فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ »..
بهذه الآية تختم السورة الكريمة، وفى هذا الختام عرض لموقف الضالين جميعا، حين يرون بأس اللّه يحيط بهم.. إنهم إذ ذاك يقولون : آمنا باللّه ولكن لا يقبل منهم هذا الإيمان، وقد حل بهم البلاء. فتلك هى سنة اللّه.. إنه لا ينفع إيمان فى غير وقته، وإنما لذى ينفع هو حين يكون الإنسان فى سعة من أمره، وفى قدرة على امتلاك الأمر فيما يختار من إيمان أو كفر..
أما هذا الإيمان الذي يقع تحت حكم الاضطرار والقهر، فهو إيمان باطل، لا إرادة للإنسان فيه.. ومن ثمّ فلا يحسب له، ولا يعدّ من كسبه.. وفى هذا يقول اللّه تعالى :« يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً ».
. (١٥٨ : الأنعام)


الصفحة التالية
Icon