ج ١٢، ص : ١٢٨٥
وقد جاء النظم القرآنى :« وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ » بزيادة حرف الجر « من » ولم يجىء :« وبيننا وبينك حجاب » وذلك للمبالغة فى أن ما بينهم وبين النبي قد سدّ بحجاب كامل، ملأ المسافة التي بينهم وبين النبي، فكل ما بينهم وبين النبي حجاب غليظ كثيف.. ولو جاء النظم القرآنى :
« وبيننا وبينك حجاب » لما أدّى هذا المعنى، ولكان مفهوم الحجاب هنا أنه مجرد ستر بينهم وبين النبي!.
واقرأ الآية مرة أخرى، وانظر إليها نظرة مجدّدة، على ضوء هذا الفهم الذي فهمناها عليه.. وإنك لتجد لتلك الآية فى هذا الترتيب إعجازا من إعجاز القرآن الكريم، وآية من الآيات التي تشهد له، بأنه من تنزيل من حكيم حميد..
« وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ.. وَفِي آذانِنا وَقْرٌ.. وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ » ! فسبحان من هذا كلامه، وتلك آياته!.
وقوله تعالى :« فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ »..
لقد أمن القوم، أو هكذا خيّل إليهم أنهم قد أمنوا.. إذ قد فرّوا من وجه هذا النهار، ودفنوا رءوسهم فى الرمال!.
« فاعمل » ما تشاء، واقرأ من قرآنك ما تقرأ.. فلن تجد لما تقرأ أذنا تسمع، أو قلبا يقع فيه شىء مما تقرأ « إننا عاملون ».
. ولقد عملنا ما ترى، من إقامة هذه الحواجز بيننا وبينك.. فافعل ما شئت!.
قوله تعالى :« قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ».


الصفحة التالية
Icon