ج ١٢، ص : ١٢٩٠
الآخر ـ جاءت هذه الآيات لتلقاهم بما للّه سبحانه وتعالى من علم وقدرة وسلطان، حتى يكون لهم من ذلك ما يفتح مغالق عقولهم، فينظروا إلى جلال اللّه، ثم لينظروا إلى آلهتهم على سنا هذا الجلال، ثم ليحكموا عليها، ما ذا تكون هذه الدّمى إزاء ربّ الأرباب، خالق الأرض والسموات! وفى قوله تعالى :« قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ..
الآية »..
تهديد لهؤلاء المشركين، الذين يكفرون باللّه، ويعبدون هذى الدّمى الجاثمة على التراب! والاستفهام إنكارى.. أي ما كان لكم أن تكفروا يمن هذه قدرته، وتلك آثاره..
وفى قوله تعالى :« خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ » قلنا فى أكثر من موضع فى تفسيرنا للآيات التي تشير إلى زمن محدّد لما خلق اللّه من مخلوقات، مثل قوله تعالى :« إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ » (٥٤ : الأعراف) ـ قلنا إن هذا الزّمن إنما هو منظور فيه إلى طبيعة المخلوق لا إلى قدرة الخالق.. وإلى أن هذا الزمن، هو الذي قدّره الخالق سبحانه وتعالى لينضج فيه المخلوق، ويستوفى فيه تمام خلقه، كالجنين فى الرحم، حيث يتم تكوينه فى تسعة أشهر، فى عالم الإنسان، وفى زمن أقل أو أكثر فى العوالم الأخرى من الأحياء.. فالزمن جزء من وجود كلّ موجود، وفى تطوره من حال إلى حال.. سواء فى هذا، الحيوان، والنبات، والجماد..
فقوله تعالى :« خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ.. وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها