ج ١٢، ص : ١٣٠٠
التي تذل كبرياءهم وتفضح قوتهم، وهى خلق ضعيف ليّن، من خلق اللّه!..
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى فى موضع آخر :
« وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ » (٥ ـ ٨ : الحاقة)..
«وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى » أي والعذاب الذي ينتظرهم فى الآخرة أشد خزيا لهم، وأوقع نكاية بهم من هذا العذاب الدنيوي.. إن هذا العذاب الدنيوي ما هو إلا جرعة يتجرعونها قبل أن يعبوا عبّا من عذاب يوم القيامة « وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ » بقوتهم تلك التي طغووا بها، ولا بأية قوة أخرى يستنصرون بها..
« وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ »..
وهذه ثمود.. هداهم اللّه، أي دعاهم إلى الهدى، ونصب لهم معالمه بما بعث فيهم من رسول كريم، يحمل بين يديه أقباس الهدى والنور، فأغمضوا أعينهم، واستحبوا العمى على الهدى، ومضوا فى ظلمات يتخبطون..
« فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ » أي رماهم اللّه بصاعقة من عذاب، أذلّهم بها، وجعلهم عبرة ومثلا للظالمين المكذبين، جزاء ما كسبوا من سيئات، وما لجوا فيه من ضلال..
قوله تعالى :« وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ».


الصفحة التالية
Icon