ج ١٢، ص : ١٣٠٤
وأكثرهم دلالة على جرم المجرمين.. وهذا ما نرى أن القرآن الكريم لم يقصد إليه هنا، وإلّا لأنطق القلوب التي هى موطن الفساد، وقائدى الضلال عند أهل الفساد والضلال والكفر! كذلك فسّر بعض العلماء المحدثين « الجلد » ببصمات الأصابع، حيث لكل إنسان بصمة أصابعه التي لا يشاركه فيها إنسان غيره!! وهذا التأويل محمول فيه الجلد على أنه الذي يكشف عن شخصية الإنسان، وينادى عليه أن هذا هو فلان « المجرم » فخذوه.. وهذا المعنى أيضا غير وارد فيما سيقت الآية الكريمة له، وهو أن اللّه سبحانه وتعالى أقام على الكافرين والمشركين والضلّال شهودا عليهم من الجوارح التي كانت فى الدنيا من القوى المسخرة لهم، والتي كانت نعما من نعم اللّه الجليلة عندهم، لو أنهم أحسنوا الانتفاع بها.. ولكنهم وجّهوها غير وجهتها التي خلقها اللّه لها.. وكان ذلك عدوانا على هذه الجوارح ذاتها، بتكليفها ما لو كانت لها إرادة لأبت أن تفعله..
فلما جاء يوم الحساب، ولم يكن للإنسان سلطان عليها فى هذا اليوم، لأن إرادته قد تعطلت ـ تمثلت هذه الجوارح شخوصا، تقف من صاحبها موقف الخصومة، وتنطق بما ارتكب بها صاحبها من منكرات، ليقتص لها اللّه سبحانه من صاحبها، المعتدى عليها..
والجلود هنا هى ـ كما قلنا ـ الثوب الذي يكسو الكيان الإنسانى كله، ويحوى فى داخله هذا الهيكل البشرىّ، وما حوى من مشاعر، وأحاسيس ووجدانات.. فشهادة الجلد، شهادة شاملة لكل ما شهدت به هذه الجوارح من الألسنة، والأيدى، والأرجل، تستدرك ما فات هذه الجوارح أن تشهد عليه، مما لم يكن داخلا فى نطاق وظيفتها.. ولهذا فإنهم ـ أي أهل الضلال ـ يتجهون إلى جلودهم وحدها بالاستنكار عليها أن تؤدّى هذه