ج ١٢، ص : ١٣١١
يشوّشوا على النبي وهو يتلو القرآن، ويكثروا من اللفظ، واللغط، حتى لا تنفذ كلماته إلى الآذان، ولا تصل إليها إلا مختلطة مضطربة.. وقد ظنوا أنهم بهذا العبث الصبيانى يسدون منافذ الضوء من تلك الشمس الساطعة إذا هم مدّوا أيديهم إليها، وحجبوها عن عيونهم..!
قوله تعالى :« فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ »..
هو تهديد، ووعيد لهؤلاء الذين يكبدون لآيات اللّه، ويلقونها هازئين ساخرين.. وفى إقامة الظاهر مقام المضمر فى قوله تعالى « الَّذِينَ كَفَرُوا » بدلا من قوله تعالى :« فَلَنُذِيقَنَّ » ـ إشارة إلى سوقهم مع جريمتهم، وهى الكفر، إلى جهنم، وفى هذا مضاعفة لآلامهم، حيث يرون وجه جريمتهم يصحبهم فى كل مكان.. إنهم أشبه بالقاتل الذي يحمل جثة قتيله وهو مسوق إلى ساحة الإعدام..
وقوله تعالى :« وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ » ـ إشارة إلى أن أعمالهم سيئة كلها، وأنها درجات متفاوتة فى السوء، وأن الكبائر منها تجمع الصغائر فى كيانها، وأن الكفر وهو رأس الخطايا كلها هو الذي يدانون به، ويلقون أشد العذاب عليه، فإنه ليس بعد الكفر ذنب، ولا وراء عذاب الكافر عذاب.. ولهذا سيقوا إلى جهنم بجريمة الكفر، « فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً » !.