ج ١٢، ص : ١٣١٦
والآية تنويه بالمؤمنين، الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا.. فقولهم ربنا اللّه، هو أحسن قول نطق به لسان..
والمراد بالدعاء إلى اللّه، الانجاه إلى اللّه، بأن يدعو الإنسان نفسه إلى ربه، وأن يخلص بها من مواقف الضلال، ومجتمع الضلالة، وهذا ما يشير إليه سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم :« وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ » (٩٩ : الصافات).
وفى عطف العمل الصالح، على الدعاء إلى اللّه :« دعا إلى اللّه وعمل صالحا » إشارة إلى أن الدعاء إلى اللّه، وهو الإيمان به، لا يؤتى ثمره الطيب، إلا بالعمل الصالح.. فإذا اجتمع الإيمان باللّه، والعمل الصالح، فقد أمسك المؤمن بالخير من طرفيه، واستمسك بالعروة الوثقى من صميمها، وفى هذا يقول الرسول الكريم لمن جاءه يسأله عن طريق النجاة :« قل ربى اللّه.. ثم استقم »..
وفى قوله تعالى :« وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ » ـ إشارة إلى أن ثمرة الإيمان باللّه والعمل الصالح، إنما تظهر آثارها فى المجتمع الإنسانى، وفى العطاء والأخذ بين الناس.. فالإيمان والعمل الصالح إذا أمسك بهما إنسان ثم عاش بهما فى نفسه، منعزلا عن الناس، منقطعا عن الحياة، فذلك إنسان قد عطل الخير الكثير الذي معه، وأمسك به عن أن ينمو ويزدهر فى مزرعة الحياة، وخير منه ذلك الإنسان الذي يعيش بإيمانه وبعمله الصالح مع الناس، فيتبادل معهم الخير، الذي يخصب وينمو بهذا التبادل! وهذا ما تشير إليه الآية التالية :


الصفحة التالية
Icon