ج ١٢، ص : ١٣٢٣
لا تملك من أمرها شيئا.. ولهذا لبست ثوب الأنوثة، الذي يدل غالبا على الضعف، وخاصة عند الجاهلين.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى، فى موضع آخر :« أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ » (١٨ : الزخرف) وقوله تعالى :« إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ » ـ إشارة إلى أن إخلاص العبادة للّه وحده، هو الذي يعتبر عبادة مقبولة.. أما أن يعبد اللّه فى صورة هذه المخلوقات، أو أن تعبد معه هذه المخلوقات تقربا بها إليه، فهذا ليس من عبادة اللّه فى شىء.
قوله تعالى :«فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ » أي إن استكبر هؤلاء المشركون عن عبادة اللّه، وأبوا أن يعطوا ولاءهم خالصا مطلقا له، فاللّه سبحانه وتعالى فى غنى عنهم، وإن استكبارهم هذا سيوقعهم تحت غضب اللّه، الذي لا يرجون له وقارا، ولا يخشون له بأسا.. وهذا ضلال مبين منهم، باستخفافهم بقدرة اللّه وبأس اللّه.. فالملائكة الذين هم أقرب خلق اللّه إليه سبحانه ـ وهم الملائكة المقربون ـ لم يكن لهم من هذا القرب ما يخليهم من خوف اللّه وخشيته لحظة واحدة، بل لقد كان خوفهم من اللّه وخشيتهم للّه على قدر قربهم منه.. فكلما ازدادوا قربا من اللّه ازدادوا خوفا وخشية، لأنهم يرون من جلال اللّه، ويشهدون من عظمته وقدرته مالا يشهده غيرهم.. وإنه على قدر المعرفة والشهود، تكون الخشية ويكون الولاء، ولهذا فهم يسبحون الليل والنهار، فى صورة متصلة دائمة، « لا يسأمون » من هذا التسبيح، ولا يملّون، بل يزدادون مع دوام التسبيح نشاطا وقوة، لما يجدون من


الصفحة التالية
Icon