ج ١٢، ص : ١٣٢٧
وقوله تعالى :« وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ » جملة حالية، تكشف عن هذا القرآن الذي يكفر به الكافرون، ويلحدون فى آياته.. أي أنهم يكفرون بهذا القرآن مع أنه كتاب عزيز، أي منيع :« لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ » وكيف يلم به الباطل من أية جهة، وهو « تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ » ؟ فالحكيم لا يدخل على عمل من أعماله دخل أو فساد، فكيف بأحكم الحاكمين رب العالمين ؟ والحميد المستحق لأن يحمد ويمجد، لا يكون حمده وتمجيده إلا لما هو قائم على الحكمة والسداد.. فكيف بمن هو المحمود وحده، حمدا مطلقا فى السراء والضراء ؟
قوله تعالى :« ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ.. إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ » أي أنك أيها النبي لست بدعا من الرسل، وإنما أنت رسول اللّه إلى عباد اللّه، تحمل دعوة الحق إليهم، أن يؤمنوا باللّه وحده، وألا يشركوا به شيئا..
فهذا هو مجمل رسالة رسل اللّه جميعا، وهو مجمل رسالتك، وعنوانها، وصميمها.. فالقول هنا بمعنى الوحى : أي ما يوحى إليك إلا ما أوحى إلى الرسل من قبلك، كما يقول اللّه سبحانه :« إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً (١٦٣ ـ ١٦٤ : النساء) ويجوز أن يكون معنى قوله تعالى :« ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ » أي ما يقال ذلك من هؤلاء المشركين من قومك، من تكذيب لك


الصفحة التالية
Icon