ج ١٢، ص : ١٣٢٩
التفسير :
قوله تعالى :« وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ؟ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ؟ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ».
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة ذكرت القرآن الكريم، ونوهت به، وأشارت إلى علو متنزله، وأنه عزيز من عزيز حكيم، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتوعدت الذين كفروا به، وألحدوا فيه، فناسب ذلك أن يذكر عن المشركين الذين كفروا بهذا الذكر بعض إلحادهم فيه، وتعلّاتهم عليه، مما كان سببا فى صدهم عنه، ومجافاتهم له..
فمن ضلالاتهم أنهم كانوا ينكرون أن يكون الرسول الذي يرسل من عند اللّه إليهم رجلا منهم، يتكلم باللسان الذي يتكلمون به.. إن ذلك ممكن أن يدعيه كل واحد منهم، فما يحدثهم به الرسول على أنه كلام اللّه هو من جنس ما يتكلمون به..
فهل كلام اللّه من جنس كلامهم ؟ أهذا مما يعقل ؟ وما الدليل على أن هذا كلام اللّه ؟ ثم ما الدليل على أن هذا الإنسان هو رسول اللّه ؟ وما الجديد الذي جاءهم به ؟ إن بضاعته كلها كلام من كلامهم! فإذا كان