ج ١٢، ص : ٩٨١
« يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ ».
. أي ومما يطرف به أصحاب الجنة، أنّه يطوف عليهم السّقاة بكئوس صافية الأديم، كأنها الماء يتفجر من « معين » أي من عيون.. والطائفون، هم غلمان مخلدون، كما يقول سبحانه :« يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ » (١٦ ـ ١٧ الواقعة)..
ـ وقوله تعالى :« بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ » وصفان للكأس، فهى بيضاء صافية، وهى ببياضها وصفائها، تلذّ الناظر إليها، وتملأ عينه بهجة وحبورا.
وقوله تعالى :« لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ » أي ليس فى الشراب الذي تحمله هذه الكأس، مما يغتال العقول، ويذهب بصوابها، كما تفعل الخمر برأس شاربها.. « وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ » أي لا يصدّون عنها، ولا يزهدون فيها، لأنها لا تستنزف لذتهم منها، بل تظلّ هكذا لذة دائمة موصولة.. وقد جاء فى قوله تعالى :« لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ » (١٩ : الواقعة) جاء بكسر الزاى، بنسبة الفعل إليهم، على حين جاء فى الآية السابقة بفتح الزاى « ينزفون » بنسبة الفعل المسلّط عليهم إلى غيرهم..
وذلك ليجمع بين صفتهم، وصفة الخمر التي يشربونها.. فهى من شأنها أن تمسك شاربها عليها، لطيبها وحسنها، ولذتها.. وهم ـ بما أودع اللّه فيهم من قوّى ـ يتقبلون هذا النعيم، فلا يزهدون فيه أبدا..
قوله تعالى :« وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ».
أي وعند أصحاب الجنة، وبين أيديهم، فتيات « قاصِراتُ الطَّرْفِ »..
والطرف، هى العين، وقصر الطرف، كسره، حياء وخفرا.. وهذا كناية


الصفحة التالية
Icon