ج ١٢، ص : ٩٩١
ليسوا أول الضّالين، ولا آخرهم.. فلقد ضلّ قبلهم أكثر النّاس، وقليل هم المؤمنون « وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ » (١٠٣ : يوسف).
قوله تعالى : وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ».
هو تطمين لقلب النبىّ.. وأن اللّه سيدفع عنه كيد هؤلاء الضالين، كما فعل بالمرسلين من قبله، إذ نجاهم والمؤمنين معهم. من كيد الكافرين، الذين أخذهم اللّه أخذ عزيز مقتدر.
وفى قوله تعالى :« فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ».
. تهديد لهؤلاء المشركين، وجمع بينهم وبين من أهلكهم اللّه من المكذّبين برسل اللّه، على مورد الهلاك، وسوق لهم جميعا إلى عذاب الجحيم..
قوله تعالى :« إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ».
هو استثناء من « المنذرين » فى قوله تعالى :« فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ».
. أي فلقد أهلكناهم، إلا عباد اللّه المخلصين، والذين استجابوا لرسل اللّه، وأخلصوا دينهم للّه.. ووقع الفعل على المنذرين جميعا، إذ كانوا هم الكثرة الغالبة الذين أهلكهم اللّه..
أما المؤمنون، فهم قلة قليلة مستثناة من هذا الطوفان الكبير..
والمخلص : هو من اختاره اللّه للهدى من بين هذا الركام، وصفّاه من شوائب الضلال الضارب بجرانه على القوم.
الآيات :(٧٥ ـ ٩٨) [سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٧٥ إلى ٩٨]
وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩)
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢) وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣) إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤)
إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٨٧) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩)
فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٩١) ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (٩٢) فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤)
قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨)