ج ١٣، ص : ١٠٥
النبىّ الذي هو صفوة خلق اللّه، فجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، وجعل لغتها هى اللغة التي تحمل دين اللّه كاملا، وهو الإسلام، فجاء القرآن الكريم بلغة العرب، ليكون لهم حظّهم الكامل منه، وليكونوا هم أول من يقطف من كرمه، ويطعم من ثمره..
وفى قوله تعالى :« لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ » ـ إشارة إلى الحكمة من جعل القرآن الكريم قرآنا عربيا، وهى لكى يتمكن العرب من الاتصال به، وإدراك معانيه، وعقلها، حتى يفيدوا منه، وينتفعوا بما فيه من خير.. وهذا يعنى أن العقل هو الوسيلة التي يتوسل بها إلى الإفادة من القرآن، وأن من يجىء إليه متخليا عن عقله، غير متدبر لآياته، لا ينال من خيره شيئا..
قوله تعالى :« وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ».
هو وصف للقرآن الكريم، وأنه مودع فى أم الكتاب عند اللّه، وحسبه بهذا علوّا وشرفا، وإنه علىّ فى ذاته، حكيم فى أحكامه، ومن شأن من يتصل به أن يستعلى بإنسانيته عن مستوى أهل الجهالة والضلال، وأن يتزيّا بزىّ الحكمة، التي هى العقل المتحرر من الأوهام والخرافات، المستنير بنور العلم والمعرفة..
وقد وصف القرآن الكريم هنا بصفتين من صفات اللّه سبحانه وتعالى، هما، العلىّ والحكيم.. لأن القرآن كلام اللّه، من صفات اللّه..
فكل ما للّه سبحانه وتعالى من صفات الكمال، هو لكل صفة من صفاته..