ج ١٣، ص : ١٢٠
الضالون فيما ذكره اللّه تعالى على لسان كل ضال :« وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي » (٩ ـ ١٠ : هود) وقوله تعالى :« إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ » توكيد لجهل القوم وضلالهم، وسفاهة منطقهم فيما يقولون عن مشيئة اللّه.. فهو قول لا مستند له من علم، أو عقل، وإنما هو قائم على الوهم والتخمين.. « إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ » أي ما هم إلا يخرصون، أي يرجمون بالغيب.. وإن من يبنى معتقده، ويقيم دينه على مثل هذه الأوهام والظنون، لا يصل إلى حق أبدا، واللّه سبحانه وتعالى يقول :
« قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ » (١٠ ـ ١١ : الذاريات).
قوله تعالى :« أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ».
هو معطوف على قوله تعالى :« ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ » أي ليس عندهم بما يقولون علم ذاتىّ، اهتدوا إليه بعقولهم، ولا علم من كتاب آتاهم اللّه إياه، قبل هذا الكتاب الذي يتلوه عليهم رسول رب العالمين..
فالمراد بالاستفهام هنا، النفي..
قوله تعالى :« بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ » أي إنه ليس لهم علم من ذات أنفسهم، ولا من كتاب جاءهم قبل هذا الكتاب، وإنما كل ما عندهم، هو ضلال ورثوه عن آبائهم، وقالوا لمن يسألهم عن دينهم الذي يدينون به، ويعبدون عليه الملائكة من دون اللّه، على اعتبار أنهم، بنات اللّه ـ قالوا :« إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ » أي على دين.. فالأمة