ج ١٣، ص : ١٥١
جائرة عند اللّه.. ونحن إنما نعبد الملائكة الذين هم بنات اللّه.. والذين نتمثلهم فى هذه الأصنام التي نسميها بأسمائهم، كهبل، واللّات، والعزّى، ومناة.. فأىّ خير ؟ آلهتنا تلك التي هى بنات اللّه ؟ أم المسيح الذي هو ابن مريم ؟ وإذا كان اللّه قد رضى لأهل الكتاب أن يعبدوا ابن امرأة، أفلا يرضى اللّه لنا أن نعبد الملائكة.. وهن بنات اللّه ؟.
هذا منطق القوم الذي استخرجوه من هذا المثل الذي ضرب لهم فى خلق عيسى.. وهو منطق قائم على المماحكة والسفسطة.. إنهمأمسكوا بمقدمات باطلة، ثم خلصوا منها إلى نتائج فاسدة..
فمن قال لهم إن عبادة الذين يعبدون المسيح قائمة على الحق ؟ إنها كفر وشرك باللّه، مثل كفرهم وشركهم، بما يعبدون من هذه الآلهة التي أقاموها بأيديهم، وسموها بأسماء الملائكة كما يقول اللّه تعالى :« أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى » (١٩ ـ ٢٢ النجم)..
إن عبادة الذين يعبدون المسيح قضية أخرى.. لم يكن من شأن الدعوة الإسلامية أن تعرض لها فى هذا الدور الذي تواجه فيه هؤلاء المشركين من قريش.. وتعلّق المشركين بهذه القضية فى هذا الوقت، ودعوة النبي إلى الدخول معهم فى مناقشتها والفصل فيها ـ هو مما يجعل المعركة بين النبي وبين المشركين تنتقل إلى ميدان آخر، يقفون هم فيه موقف المتفرجين..
وهذا من شأنه أن يغمد سيوف الحق التي تضرب فى وجوههم، من قبل أن توقع الهزيمة بهم.. ولهذا جاء القرآن الكريم مبطلا مكرهم هذا بقوله سبحانه :
« ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا.. بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ».
. أي ما ضربوا هذا