ج ١٣، ص : ١٨٧
الذين سئلوا من قبل فى آخر السورة السابقة :« الزخرف » :« مَنْ خَلَقَهُمْ » فقالوا :« اللَّهُ ».
(الآية ٨٧) ـ دعوة لهم أن يصححوا قولهم هذا الذي أنطقهم الواقع به، من غير أن يكون له رصيد من وعى، وإدراك، ونظر فى ملكوت السموات والأرض.. ولهذا، فإن هذا القول لم يقع من أنفسهم موقع اليقين، أي المستيقن، المحقق، الذي تدعمه الأدلة والبراهين.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ » ؟ (٢٠ ـ ٢١ : الذاريات).
فالآية الكريمة دعوة إلى العلم الذي يقوم على النظر المتأمل، والعقل المتيقظ، والإدراك الفاقة.. فهذا العلم هو الذي يقيم فى كيان الإنسان يقينا بما علم، وعن هذا اليقين تتحرك نوازع الإنسان، وتتجه إرادته، وتمضى عزيمته، وفى صحبته شعلة من هذا العلم، تضىء له الطريق، وتكشف له معالم الحق والخير..
وفى قوله تعالى :« لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ » ـ هو منطق المستيقن، الذي علم عن يقين، أن اللّه رب السموات والأرض وما بينهما.. فمن علم هذا واستيقنه، أسلمه هذا العلم إلى أن يعلم ويستيقن أن رب السموات والأرض وما بينهما، ينبغى أن يكون الإله المتفرد بالألوهة :« لا إِلهَ إِلَّا هُوَ » وأنه سبحانه هو الذي يحيى ويميت، وأنه سبحانه رب الناس جميعا.. السابقين والحاضرين واللاحقين..
قوله تعالى :« بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ »..
هو إضراب عن الحديث إلى هؤلاء المشركين، الذين دعوا ليسمعوا