ج ١٣، ص : ١٨٩
وقيل ـ وهو رأى قلة من المفسرين ـ إن هذا الدخان الذي يغشى الناس هو ما يطلع على الناس يوم القيامة من أهوالها ومرجفاتها..
والرأى الأول هو الذي نقول به، وذلك لأمرين :
أولهما : ما جاء بعد ذلك من قوله تعالى :« إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ.. »
وعذاب الآخرة لا يكشف عن أهل النار ليختبر بهذا الكشف ما عندهم من وفاء أو نكث بما عاهدوا اللّه عليه، إن كشف الضر عنهم.. فالآخرة دار جزاء، وليست دار ابتلاء واختبار.. وهذا يعنى أن الكشف المراد هنا، هو كشف عذاب وقع بالقوم فى الحياة الدنيا..
وثانيهما : ما جاء بعد ذلك أيضا فى قوله تعالى :« يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى.. إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ».
. فهو وعيد من اللّه سبحانه وتعالى لهؤلاء المشركين الذين نقضوا ما عاهدوا اللّه عليه، بأن يؤمنوا إذا كشف الضرّ عنهم.. فلما كشف عنهم الضرّ عادوا إلى ما نهوا عنه.
وهذا يعنى أن الفعل الذي وقع الوعيد عليه كان فى الدنيا، لأنه لا وعيد على ما يقع من الناس فى الآخرة..
وقد يسأل سائل فيقول : كيف يقع عذاب على هؤلاء المشركين، وقد وعد اللّه سبحانه وتعالى النبي الكريم ألا يعذّب قومه وهو فيهم، كما يقول اللّه تعالى. « وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » (٣٣ : الأنفال) فكيف هذا ؟.
والجواب ـ واللّه اعلم ـ أن هذا العذاب الذي لقيه المشركون من قحط أو قتل، ليس هو العذاب الذي كان يؤخذ به أقوام الرسل من قبل، والذي


الصفحة التالية
Icon