ج ١٣، ص : ١٩
وقوله تعالى :« وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ ».
. أي أن من عبادة الملائكة وتسبيحهم للّه، استغفارهم لمن فى الأرض.. إذ كان أهل الأرض متلبسين بالخطايا والذنوب.. فهم النقطة السوداء فى هذا الوجود النورانى، المشّع ولاء وخضوعا للّه رب العالمين..
والمراد بمن فى الأرض هم المؤمنون، كما يقول اللّه سبحانه وتعالى فى آية أخرى :« وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ » (٥ : الشورى) وكما يقول سبحانه :(يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا) (٧ : غافر) وقوله تعالى :« أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ».
. أي أنه سبحانه يقبل استغفار الملائكة لمن يستغفرون لهم من المؤمنين، فيغفر اللّه سبحانه وتعالى لهم، فهو سبحانه « الْغَفُورُ » أي كثير المغفرة « الرَّحِيمُ »، أي واسع الرحمة، تسع رحمته كل شىء.
قوله تعالى :« وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ »..
هو معطوف على محذوف مفهوم من قوله تعالى :« أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » ـ أي أنه سبحانه يغفر للذين تابوا وآمنوا، وأما الذين أشركوا باللّه، واتخذوا من دونه أولياء، ولم يدخلوا فى دين اللّه، ولم يتوبوا إليه ـ فاللّه « حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ » أي ممسك بهم، قائم عليهم، متول حسابهم وجزاءهم.. وليس النبي بمسئول عنهم بعد أن بلغهم رسالة ربه.. « فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ » (٤٠ : الرعد).