ج ١٣، ص : ١٩٨
فقد يكون السير ليلا فاضحا لأهله، إذا هم أحدثوا جلبة وضوضاء..
وأصل السّرى من السرّ، وسمى السير بالليل سرّى لأن الليل يكتم تحرك الأشياء، ويسترها عن الأعين..
وقوله تعالى :« إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ » بيان للحكمة من السير ليلا، إذ أن هناك من يتربص بالقوم، ويتتبع آثارهم وأخبارهم..
قوله تعالى :« وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ »..
الرهو : المستوي، المتسع، من كل شىء.
وهذا أمر لموسى من ربه، أن يترك البحر قائما فيه الطريق الذي أحدثه بعصاه.. لأنه سيطبق وشيكا على فرعون وجنوده، بعد أن يجاوزه موسى وقومه..
وسمى فرعون وقومه هنا جندا، لأنهم كانوا فى معركة مع موسى، وقد انتهت هذه المعركة، وكانوا من المفرقين..
والآيات هنا تختصر الأحداث، وتطويها طيّا، لأن تفصيل هذه الأحداث، قد جاء به القرآن فى مواضع أخرى، فكانت الإشارة إليها هنا مغنية عن الشرح والتفصيل.
قوله تعالى :« كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ ».
هذا بيان لما خلّف هؤلاء الهالكون غرقا، فقد خلقوا وراءهم جنات مثمرة، وعيونا جارية، وزروعا مونقة، وحياة طيبة، ومعيشة راضية.. وهو