ج ١٣، ص : ٢٠٣
ففى قوله تعالى :« عَلى عِلْمٍ » ردّ على من لا يعرف قدر اللّه سبحانه وتعالى، ولا يعنو لجلاله وعظمته، فيسوء ظنّه باللّه، حين يرى آثام بنى إسرائيل، وشناعاتهم، ومفاسدهم فى الأرض، ثم يرى كثرة الرسل الذين بعثهم اللّه فيهم، وكثرة الآيات التي جاءوهم بها، مما لم يكن لأمة من الأمم، أو شعب من الشعوب..
فكان قوله تعالى :« عَلى عِلْمٍ » ردّا على من يظن هذا الظن فى اللّه، ويرى ـ عن جهل ـ أن اختيار اللّه سبحانه لهؤلاء القوم، واختصاصهم بالرسل والشرائع والمعجزات، لم يكن واقعا موقعه الصحيح، إذ لم يثمر إلا هذا الثمر النكد الخبيث!! وكلا.. ثم كلا.. تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا..
فقد كان اختيار هؤلاء القوم لرسالات السماء ابتلاء لهم وامتحانا، وتجربة للإنسانية، تعمل فيها السماء أسلحتها فى النفس البشرية، لتخرج منها ما كمن فيها من آفات وعلل.. وقد تخيرت السماء لهذه التجربة أخبث ما فى الإنسانية من نفوس، وأرذلها من جماعة، فبعثت بالأطباء والأساة يحملون الدواء لكل داء.. فلم تتقبل نفوسهم الخبيثة أي دواء، ولم تستجب له.. فعاشت بدائها..
وماتت به!..
الآيات :(٣٤ ـ ٤٨) [سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٣٤ إلى ٥٠]
إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧) وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨)
ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٩) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٤٢) إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣)
طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨)
ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠)