ج ١٣، ص : ٢٠٨
وقد ذكر القرآن الكريم فى موضع آخر ما أخذ اللّه به هؤلاء القوم ـ قوم تبع، من نكال وبلاء، بعد أن كفروا بنعمة اللّه، وبطروا معيشتهم..
وفى هذا يقول اللّه تعالى :« لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ » :
(١٥ ـ ١٧ : سبأ).
وليس قوم تبع إلا جماعة من تلك الجماعات الكثيرة التي أهلكها اللّه سبحانه وتعالى، وأخذها بعذابه الأليم فى الدنيا، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون..
فمن قبل قوم تبّع، أهلك اللّه قوم نوح، وأهلك عادا، وثمود، وأصحاب مدين وقوم لوط.. وهؤلاء ممن ذكر القرآن أخبارهم.. وهناك كثيرون من الأفراد والجماعات لم يذكروا.. إذ ليس المقصود من الذكر إلا العبرة والعظة. وفى هذا القليل الذي ذكر، عبرة وعظة لأولى الألباب..
قوله تعالى :« وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ».
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة، ذكرت إنكار المشركين للبعث، وما لهم على هذا الإنكار من حجج باطلة.. وقد تهددهم اللّه سبحانه وتعالى وتوعّدهم بالهلاك فى الدنيا، كما أهلك الظالمين المكذبين قبلهم..
وهذه الآية، والآية التي بعدها، هى تعقيب على ما هدّد له به المكذبين من


الصفحة التالية
Icon