ج ١٣، ص : ٢٣
وهذا الانحراف، هو بمشيئة للّه سابقة غالبة، ولكنّ للإنسان كسبا فى هذا الانحراف، ومشيئة متلبسة به..
فالأمر فى ظاهره، هو : أن هذا الظلم والانحراف من كسب الإنسان، وهو فى باطنه بمشيئة غالبة للّه، وقدر سابق! وللّه سبحانه الأمر من قبل ومن بعد :« لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ » (٢٣ : الأنبياء)..
قوله تعالى :« أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ».
أي أن هؤلاء الظالمين، قد اتخذوا من دون اللّه أولياء يرجون نصرهم..
ويبتغون العزّة عندهم.. « فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ » وحده، لا يملك معه أحد نصرا، ولا عزّا.. « هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً » (٤٤ : الكهف).
وقوله تعالى :« وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى » إشارة إلى البعث، وأنه حقيقة مقررة، وأن إنكار المنكرين لا ينفعهم من لقاء هذا اليوم، ولا يصرفه عنهم، بل إنهم مبعوثون، ومحاسبون حسابا عسيرا.. « أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ » (٨ : هود).
وقوله تعالى :« وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » تأكيد للبعث، وأن إحياء الموتى واقع فى قدرة اللّه التي لا يعجزها شىء.
قوله تعالى :« وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ».