ج ١٣، ص : ٢٣٧
وغضبه، وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، وأقامهم فى هذه الدنيا مقاما مضطربا قلقا، لا يجدون فيه إلى الأمن والسلام سبيلا، إذ قطّعهم فى الأرض أمما، وسلّط عليهم الناس فى كل مجتمع يعيشون فيه، كما يقول سبحانه :
« وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ » (١٦٧ : الأعراف).
فهذا التفضيل الذي فضّل اللّه به بنى إسرائيل، هو ابتلاء لهم، كشف عن نفوسهم الخبيثة، وطباعهم الشرسة، كما يكشف الغيث المنزّل من السماء عن معدن الأرض السبخة التي يصيبها الماء الغدق، فإذا هى بعد قليل قد أصبحت مستنقعا آسنا متعفنا، يؤذى كل من يلم به..
ففى هذا المثل، يرى المشركون عاقبة من يكفر بنعم اللّه، ويمكر بآياته..
وها هم أولاء بين يدى نعم اللّه وآياته.. فماذا هم فاعلون ؟ أيكفرون ويمكرون، فيلقوا جزاء الكافرين.. الماكرين.. أم يشكرون ويؤمنون، فيكون لهم جزاء الشاكرين المؤمنين ؟ ذلك ما تكشف عنه التجربة التي لم يخرجوا منها بعد..
قوله تعالى :« وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ »..
هو معطوف على قوله تعالى :
« وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ | » أي وآتيناهم كذلك بينات من الأمر.. |