ج ١٣، ص : ٢٤٣
فالاجتراح من الجرح، الذي يجىء عن طريق العدوان، والذي يوقع صاحبه تحت حكم القصاص منه، كما يقول سبحانه :« وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ » (٤٥ : المائدة).
قوله تعالى :« وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ » ـ يمكن أن يكون معطوفا على قوله تعالى :« وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ » وتكون الآيات الواقعة بين المتعاطفين، اعتراضا يراد به الإلفات إلى موقف الناس من آيات اللّه الكونية أو الكلامية، وأنهم ليسوا سواء فى موقفهم من تلك الآيات، فبعضهم مؤمن مهتد، وكثير منهم فاسقون..
ولكلّ من الفريقين حسابه عند اللّه، حيث لا يسوّى بين المؤمنين، وبين الكافرين الظالمين..
ثم يجىء بعد هذا قوله تعالى :« وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ » استكمالا لعرض آيات اللّه الدالة على قدرته، وعلمه، وحكمته..
ويجوز أن تكون الواو هنا للحال، لا للعطف، ويكون الحال من الفاعل، وهو اللّه سبحانه، فى قوله تعالى :« أَنْ نَجْعَلَهُمْ »
.. أي أيظن الذين كفروا باللّه، واقترفوا ما اقترفوا من آثام ـ أن يجعلهم اللّه كالذين آمنوا وعملوا الصالحات على سواء فى الحياة، وفى الممات، وفيما بعد الممات ؟. أيظنون هذا وقد خلق اللّه السموات والأرض بالحق ؟ إن هذا ظنّ فاسد، وما يبنى عليه من تصورات وأحكام لا يكون إلا فاسدا.. فإن هذا الوجود الذي خلقه اللّه من مادة الحق، وأقامه على الحق، لا يمكن أن يدخل عليه ما يغيّر صورة الحق.