ج ١٣، ص : ٢٧
بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ».
أي ومن نعم اللّه سبحانه وتعالى، الذي خلقكم وجعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من الأنعام أزواجا ـ أنه شرع لكم دينا هو دينه الذي ارتضاه، وهو الدين الذي وصّى به نوحا، وهو الذي جاءكم به نبيكم محمّد، وحيا من ربه، وهو ما وصى به اللّه سبحانه الأنبياء، إبراهيم وموسى، وعيسى، عليهم السلام.
وقوله تعالى :« أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ » هو بيان لما وصى اللّه سبحانه به أنبياءه عليهم السلام، وهو أن يقيموا الدين، وأن يبلّغوه أقوامهم، وأن يكونوا جميعا على هذا الدين، دين اللّه الذي ارتضاه لهم جميعا، والّا يتفرقوا فيه، فيكون لكل نبى، ولكل قوم دين.. إن دين اللّه واحد، هو الإسلام، كما يقول سبحانه :« إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ » (١٩ : آل عمران) وكما يقول سبحانه :« وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ » (١٥٣ : الأنعام).. وكما يقول جل شأنه فيما أخذه من ميثاق على الأنبياء جميعا :« وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ».
(٨١ : آل عمران) وكما يقول النبي الكريم :« الأنبياء أبناء علّات، أمهاتهم شتّى ودينهم واحد ».
وهذه الوصاة للأنبياء، هى وصاة ملزمة لأقوامهم باتباع دين اللّه هذا، وهو الإسلام الذي كمل به الدّين، والذي أدركوه وبين أيديهم بعض منه..
ومطلوب من أهل الكتاب ـ اليهود والنصارى ـ أن يؤمنوا بهذا الدين كلّه، وألا يتفرقوا فيه، فيذهب كل فريق ببعض منه، فيكون لكل جماعة دين من دين اللّه الواحد.


الصفحة التالية
Icon