ج ١٣، ص : ٢٨٨
قوله تعالى :« فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ »..
لو لا، حرف تحضيض، بمعنى هلّا، وفى هذا استدعاء لآلهتهم التي عبدوها من دون اللّه، وحثّ لها على أن تخفّ لنجدتهم، واستنقاذهم مما رماهم اللّه به من عذاب، وما صب عليهم من بلاء!.
فأين آلهتكم تلك ؟ وهل هناك حال أدعى من هذه الحال لمدّ يد العون إليهم، وانتشالهم من بين هذه الأمواج المطبقة عليهم ؟.
وقوله تعالى :« قُرْباناً آلِهَةً » أي اتخذوها آلهة يتقربون بها إلى اللّه، كما يقول اللّه تعالى عن المشركين :« ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى » (٣ : الزمر)..
وفى تقديم القربان على الآلهة، إشارة إلى أنهم لم يكونوا ينظرون إلى هذه المعبودات أول الأمر على أنها آلهة، وإنما كان نظرهم إليها على أنها وسائل يتوسلون بها إلى اللّه، ويتقربون بها إليه، ويقولون فيما يقولون :
« هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ » (١٨ : يونس).. ولكن ما إن يمضى الزمن بهم حتى تتحول هذه الوسائل إلى آلهة تعبد من دون اللّه، وتصبح مستأثرة بمشاعرهم، مستولية على عقولهم.. وليس للّه سبحانه مكان فى شعورهم، أو موضع فى قلوبهم..
قوله تعالى :« بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ » ـ هو إضراب عن دعوة هذه المعبودات إلى نصرة عابديها.. إنهم لن ينصروهم، ولن يجدوا لهم