ج ١٣، ص : ٣٠٧
وعلى هذا، فإن من بلغته الرسالة الإسلامية، من المؤمنين، من أهل الكتاب، أو الفلاسفة والحكماء، ثم لم يؤمن بهذه الرسالة، فهو ليس مؤمنا وليس على طريق المؤمنين..
وقوله تعالى :« وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ».
. إشارة إلى أن المؤمنين الذين آمنوا باللّه، إنما يؤمنون ـ إذ يؤمنون بما أنزل على محمد ـ بالحقّ المنزل من ربهم.. فمن أنكر هذا الحق المنزل من عند اللّه، فليعلم أن ما عنده من إيمان ليس من الحقّ، إذ لو كان حقا لا لتقى مع هذا الحقّ، فالحقّ، لا يصادم الحق، ولا تختلف طريقه معه..
وقوله تعالى :« كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ ».
. هو خبر لقوله تعالى :« وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ » أي أن الذين آمنوا هذا الإيمان، وعملوا الصالحات، كفّر اللّه عنهم ما كان منهم من سيئات، قبل أن يؤمنوا بالرسالة المحمدية، فهو إيمان مجدّد لإيمانهم، ومصحح له، إذ كان هو الدّين كله، وبه تمّ الدين الذي جمع كلّ ما جاء به الرسل، كما يقول اللّه تعالى :« إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ » (١٩ : آل عمران) وكما يقول اللّه جل شأنه :« شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ » (١٣ : الشورى) وكما يقول جل شأنه :
« وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ » (٨٥ : آل عمران).
وفى قوله تعالى :« وَأَصْلَحَ بالَهُمْ » ـ إشارة إلى ما يثمره الإيمان بدين الإسلام، إذ يجمع قلوب المؤمنين به، ويقيم مشاعرهم على أمر واحد، فلا يكون منهم التفات إلى هذا الدين أو ذاك، إذ أن الإيمان بالإسلام إيمان بجميع رسالات السماء،